لو عملنا بقدر ما نتكلم ، لو عملنا بقدر ما ننتقد ، لو فكرنا قبل أن نعمل ... سنتغير

الخميس، يوليو 02، 2009

تفانيني




يا ترى انا اللي كسلان و لا اتكتفت ايدي ؟

حاولت ارســم و وأفنن من بـدَع ايــــــدي

لاقيت فني ما اتباعشي ، رميته من كيـدي

شـــــافوه مرمي قالوا... يا عيني يا سيدي

عمل عبقري فنـــــــان ... بس كان كسلان

شـــالوني بعدها في كفني ونســــيوا تفانيني



الأربعاء، يوليو 01، 2009

العملية الثقيلة 2




تأتي مراحل العمل الأخرى بعد أن أفاض علينا الخبير "خ" بسواد البقع و التلطيخ فيضا تطلب منا أياما عديدة للتخلص من هذه البقع و استخدام كل الوسائل و المركبات لإزالتها من مختلف الأماكن التي نشر عليها العزل " و بالمناسبة فهو لم يبخل على نفسه من هذا الفيض الكريم لأنه في نهاية اليوم و بعد انقضاء مهمته الباغية رمى كل الملابس التي كان يرتديها بعد أن صبغت بكاملها بالعول السائل الأسود" و حمدا لله أن جلد البشر قابل للتنظيف عن أي شيء آخر و إلا كان قد تحول إلى رجل "منقط باسود"

و هكذا ما كان الدرس الذي تعلمته مجانيا و نشرت بين معارفي و أصدقائي حاجتي إلى عامل لتركيب السيراميك و تطوع الكثير شاكرين بإعطائي أرقامهم و كلما اتصلت بأحدهم يعتذر لانشغاله بأعمال أخرى فلو لم يكن لدي مانع على انتظار دوري بعد عشرة أيام أو أسبوعين ثم أعاود الاتصال و المحاولة " و يال العجب " و ربما كان رفضهم لأن العملية المطلوبة صغيرة فكلما زادت المساحة يزداد الربح "عجبي" ... المهم اتصلت بأحدهم و وافق على أن يمر علي بعد يومين ، فقلت بسيطة ، و لكن في الموعد المحدد لم يأتي فاتصلت به و لم يرد و كررت المحاولة لنهاية اليوم و لم يرد عي أحد .... فاتصلت بوسيط الخير الذي دلني عليه أسأل عن السبب ... فكان رده عليه أنه متوعك بعض الشيء و ان الموعد يحتاج إلى تأجيله يومين ... فوافقت مضطرا فقد صبرت قبلا كثيرا فلا مانع من الانتظار ليومين آخرين ... و اتصلت به قبل الموعد بساعتين لأؤكد على الموعد المؤجل فاعتذر هذه المرة لأن صبيه لم ينزل للعمل هذا اليوم و أضاع علينا أربعة أيام و نحن في هذا الحال معلقين ... و كان السباك في نفس الوقت بدأ بتمديد مواسير جديدة للمياه و غيرها للصرف بالكامل و طبعا لم يحدث أن اتفقت مع شخص من هؤلاء المهنيين و يأتي لمباشرة عمله و لكنه يشرفنا فقط عند الاتفاق على العمل أو لصرف دفعات مالية تالية بعد العربون المحترم في بداية الاتفاق ثم يختفي و يترك لك أحد صبيانه بعد أن يقسم لك أنه اختار لك من طاقم العمل لديه أفضلهم ... و لم تخل مرحلة من مراحل هذا الترميم الذي قمت به إلا و راجعناها بعد ظهور عيوب أثناء أو بعد انتهاءهم من العمل و هذا ما حدث مع السباك أكثر من مرة .... و العجيب بل و المفرس أنك حين ترى العيب في حينه تشير لهم عليه لإصلاحه أو التأكد بعدم ترك عيوب قبل انصرافهم و لكن بكل اصرار و عند يؤكد لك أن العيب سيختفي بعد الانتهاء "ما تقلقش" و هذه الكلمة بالذات أكثر كلمة تدعوني للقلق. و يتطلب اصلاح العيوب المزيد من النفقات و اضاعة المزيد من الوقت ...

و لم يكن من هؤلاء سوى الكهربائي فهو رجل متزن هادئ لا تشعر بوجوده هو أو مساعديه فلقد جاء و أتم مهمته بكل مراحلها في هدوء بكل أدب و احترام و بإتقان وهو الوحيد الي طلب أجرا متواضعا دفعني بكل رضا أن أزيد عن الرقم الذي حدده بما يقارب الضعف و أنا أدعو له بكل سماحة و طيب خاطر و بعد ضغط و الحاح شديد منا جميعا لقبول الزيادة وافق وقبل المبلغ و انصرف ... و كلانا يدعوا للآخر بكل رضا و سماحة.

على عكس البقية أمثال عمال المحارة و عامل تركيب السيراميك و السباك و عامل الدهانات فكل منهم يطمع لو أنه يضاعف قيمة الأجر و يبذل نصف المجهود و الوقت ... لا أدري إن كان عامل السن عنصر يوضع فب الاعتبار في المقارنة بينهم و بين الكهربائي ام لا فكانوا كلهم شباب أما الكهربائي فكان فوق الستين ...!!!

أن من أهم السلبيات التي تتفشى و تزداد سوءا انتشار الفساد الحرفي بين طوئف الحرفيين الذي كانت تتميز بهم مصر في العصور السابقة و التي بدأ انحدارها بعد الثورة ، و لعل من مثالب الثورة ارتباط هذا التدني لهذه الفئة من الفنيين و الفنانين أحيانا و التي كانت تتميز بهم مصر قديما لكل أعمالهم اليدوية بدءا من أعمال الفخار البدائية القديمة و انتهاءا بالمباني القديمة الرائعة الجمال التي تندثر يوما بعد يوم بأبراج مشوهة عديمة الذوق عديمة الإنسانية مرورا بحرف منتجات خان الخليلي المتعددة من الأرابيسك و الخيامية و أعمال النحاس و غيرها حتى أن فانوس رمضان الصفيح فيما مضى له من القيمة و الجمال ما يفوق هذه المسوخ البلاستيكية التي نستوردها من الصين و بالمناسبة حتى لو وجدت اليوم فانوس من الصنف الذي أتحدث عنه فتجده شبيه بمن صنعه بلا لون و لا طعم و لا رائحة و و للأسف احتفظت بهذا التراث الجميل دول أخرى مازالت بها إبداعات تخرج من أجيالها الجديدة لأنها توارثتها عن آبائها منهم سوريا و تركيا و إيران ... ينطبق ذلك على كل الحرف الاعتيادية الأخرى من النقاش للنجار للسباك للحداد لعمل البياض . حتى حين أرادت فئة من الأجيال الحديثة محاكاة التحف المعمارية القديمة بدت المباني كالبلياتشو لأن نسب العمارة القديمة و ارتفاعاتها كانت تتناسب مع الزخارف و الحلايا والديكور الذي يحيط بها فشتان بين هذه و تلك ... فعمارات زمان من مدخلها على الشارع و أبوابها الحديدية و الخشبية و ردهة المدخل و الدرج و بئر السلم و الفراغ و الجمال الذي تراه في كل شيء من الداخل و الخارج و الدقة و المتانة التي أطالت عمر المباني الى اليوم و هي متماسكة شديدة بلا تآكل و لا صدأ إلا من سوء الاستعمال و إهمال الصيانة... تخيل لو أننا حافظنا على هذا المباني بجمالها إلى الآن كما فعلت فرنسا و إيطاليا التي عاصرت أبنيتنا و عمارتنا ما لديهم بنفس المهندسين و المصممين و نفس التصميم و الآن شتان بيننا و بينهم حتى أن هذه العمارات لديهم أصبحت مزارات و تحولت الى فنادق فخمة أغلى من أي فنادق أنشأت بعدها ...

مثال صغير: ما قيمة كوبري ستانلي الذي بني حديثا إلا أنه محاكيا لكوبري المنتزة الذي بنى في عهد الملكية و إذا تأملنا فسنجد أن مباني كثيرة بين القاهرة و الاسكندرية بنيت على هذا الطراز و بنفس الجمال و أبدع و لكن طمستها تشوهات القذارة و التراب الأسود و تراكمت عليها لافتات بغيضة كبثرات خبيثة على بشرة جميلة و كذلك واجهات المحال أسفل هذه العمارات ... آآآآه يال الحسرة .

لأننا تخلينا عن مواطن الجمال فينا أنفسنا ... فقدنا الجمال في أعيننا و صدورنا و فقدنا معايير الجمال الأصيلة بداخلنا حتى تحولت معاييرنا في الأساس خاطئة فكيف بالله عليكم ممكن أن نرى الجمال أو نقدره ؟ و أصبح التشوه يطغى على كل شيء ... فإذا كان الميزان وضع على اعوجاج فلا تنتظر منه إلا الأخطاء؟



العملية الثقيلة




... في تجربة تجديد مطبخ منزل الأسرة بعد ان تهالكت حوائطه و ارضياته و سباكته و لم يعد يمكن السكوت عليه "لازم يدخل العمليات فورا... كل دقيقة بتمر فيها خطر على حياته" بالفعل كانت حالته مناسبة للوصف في تلك العبارة الشهيرة التي حفظناها من أطباء الافلام ... و في هذه التجربة قابلت نماذج أفضل من فيهم أسوأ من صبي الحلاق و من كهربائي الحكومة ...

أولهم عامل التنظيف "خ" ... فهو في أول مرة قابلته ظننته للتو خارج من معركة عنيفة في الشارع فكانت تحيته أشبه بالصراخ و أقرب لنبرة السباب في الخناقات حتى ادركت ان هذه طبيعته فهو مشحون دائما بعصبية و دائم الصوت العالي فهو حين يتحدث اليك تظن انه يخاطبك و يخاطب آخرين في الجهة المقابلة من الشارع في نفس الوقت فكان بمجرد أن يدخل و يدق الباب أجد قط المنزل يقفز من مكانه و يتوارى في أقرب مخبأ خوفا من هذا الصراخ المخيف ...

وهو بالاضافة الى ذلك ثرثار جدا و لا يتوقف عن الكلام إلا في اللحظات التي تحتاج فيها مجارى الهواء برقبته لاستخدام مجرى الطعام أو الشراب و نحمد الله على هذه النعمة التي اكتشفت فضلها المتميز في هذه الحالة اضافة الى فضلها المعروفة للبشر جميعا ... لذلك كانت أمي سرعان ما تقدم له كوبا من الشاي بمجرد وصوله لتحظى بهذه الثواني من صمته و الى ان ينتهي من الشاي تكون قد انتهت من اخباره بطلباتها منه و تختفي هي الأخرى من وجهه ... فهو من ذلك النوع الذي يمارس كل المهن و لا يتقن أي منها و هو بالطبع متحدث في كل المجالات بلسان طليق في الرياضة و الاقتصاد و الدين و السياسة و علم الاجتماع و التربية بخلاف "خبرته" الكبيرة في النظافة ...

و شرحت له المطلوب بالضبط و بدأ في عمله و هو يمارس هوايته بالحديث المستمر و لا أملك سوى مجاراته فيما يقول فليس لدي رفاهية الهروب و الاختباء التي تمتع بها قطنا العزيز و لا بد من ملازمته مهمته و مد يد المساعدة إذا احتاج الأمر و صحبته لآخر المشوار ، خلاف لصوت الدق و الخبط المستمرين في الخلفية من التكسير و حل الأجزاء الثابته على الحوائط و نقلها ...

و كلما انتهينا من مرحلة من مراحل العمل أوقن أننا كنا مصيبين للغاية في قرار الترميم الذي فعلناه فلقد التهمت الرطوبة باطن ما كنا نراه و تحول كل ما يتصل بالحائط أو الأرض الى هشيم أسود له هيئة الشيء و لكنه خاوي من الداخل حتى مواسير المياه كانت قد ذابت داخل الحائط و و كانت تؤدي مهمتها الفراغات التي أخذتها المواسير كمجرى للماء حتى تصل الى الصنابير ...

و أزال "خ" عامل النظافة القشرة الخارجية للحوائط كما طلبت منه ليتحول المكان الى كهف مظلم تعطينا نتوءات الحجر الظاهر فيه انطباع كهوف العصور الوسطى ... و جاء دور العزل و طلبت من "خ" أن يسأل لنا على أحد العمال المتخصصين في العزل ... و لم يتوقف حتى سلمت بأن أدع له هذه المهمة فهي واحدة من خبراته العديدة ... و هي بالفعل مهمة لا تحتاج سوى بعض الجهد و حسن التصرف حتى لا يتلف بدهان العزل "الأسود" أثاث المنزل أو الأماكن البعيدة عن الحيز المراد عزله و دفعت له مقابل أن يشتري كميات كافية من البلاستيك لتغطية كل ما يحتاج الى حماية من بعض الرذاذ الذي قد يتناثر هنا أو هناك...

و في نهاية اليوم جئت ليبشرني أنه أنهى مهمته ... ولكني أصدم بكم الرذاذ المرشوش على الأجهزة المنزلية المحيطة و الحوائط و الأبواب و ... فلو كان يرقص و هو ممسك بفرشاة العزل الأسود في كلتا يديه ما كانت وصلت رشاته و تلطيخاته السوداء على هذه الامكان التي كانت "بيضاء" و المنتشرة في كل مكان ... و ظللنا نعاني من ازالة هذه البقع السوداء من يومها حتى بعد انتهاء عمليات الترميم كلها بأكثر من شهر عوضا أن عملية ترميم المطبخ نفسها استغرقت ثلاثة أشهر كان الشهر الأخير منها هو شهر رمضان الماضي ...

و للحديث بقية ...