لو عملنا بقدر ما نتكلم ، لو عملنا بقدر ما ننتقد ، لو فكرنا قبل أن نعمل ... سنتغير

الأربعاء، يوليو 01، 2009

العملية الثقيلة




... في تجربة تجديد مطبخ منزل الأسرة بعد ان تهالكت حوائطه و ارضياته و سباكته و لم يعد يمكن السكوت عليه "لازم يدخل العمليات فورا... كل دقيقة بتمر فيها خطر على حياته" بالفعل كانت حالته مناسبة للوصف في تلك العبارة الشهيرة التي حفظناها من أطباء الافلام ... و في هذه التجربة قابلت نماذج أفضل من فيهم أسوأ من صبي الحلاق و من كهربائي الحكومة ...

أولهم عامل التنظيف "خ" ... فهو في أول مرة قابلته ظننته للتو خارج من معركة عنيفة في الشارع فكانت تحيته أشبه بالصراخ و أقرب لنبرة السباب في الخناقات حتى ادركت ان هذه طبيعته فهو مشحون دائما بعصبية و دائم الصوت العالي فهو حين يتحدث اليك تظن انه يخاطبك و يخاطب آخرين في الجهة المقابلة من الشارع في نفس الوقت فكان بمجرد أن يدخل و يدق الباب أجد قط المنزل يقفز من مكانه و يتوارى في أقرب مخبأ خوفا من هذا الصراخ المخيف ...

وهو بالاضافة الى ذلك ثرثار جدا و لا يتوقف عن الكلام إلا في اللحظات التي تحتاج فيها مجارى الهواء برقبته لاستخدام مجرى الطعام أو الشراب و نحمد الله على هذه النعمة التي اكتشفت فضلها المتميز في هذه الحالة اضافة الى فضلها المعروفة للبشر جميعا ... لذلك كانت أمي سرعان ما تقدم له كوبا من الشاي بمجرد وصوله لتحظى بهذه الثواني من صمته و الى ان ينتهي من الشاي تكون قد انتهت من اخباره بطلباتها منه و تختفي هي الأخرى من وجهه ... فهو من ذلك النوع الذي يمارس كل المهن و لا يتقن أي منها و هو بالطبع متحدث في كل المجالات بلسان طليق في الرياضة و الاقتصاد و الدين و السياسة و علم الاجتماع و التربية بخلاف "خبرته" الكبيرة في النظافة ...

و شرحت له المطلوب بالضبط و بدأ في عمله و هو يمارس هوايته بالحديث المستمر و لا أملك سوى مجاراته فيما يقول فليس لدي رفاهية الهروب و الاختباء التي تمتع بها قطنا العزيز و لا بد من ملازمته مهمته و مد يد المساعدة إذا احتاج الأمر و صحبته لآخر المشوار ، خلاف لصوت الدق و الخبط المستمرين في الخلفية من التكسير و حل الأجزاء الثابته على الحوائط و نقلها ...

و كلما انتهينا من مرحلة من مراحل العمل أوقن أننا كنا مصيبين للغاية في قرار الترميم الذي فعلناه فلقد التهمت الرطوبة باطن ما كنا نراه و تحول كل ما يتصل بالحائط أو الأرض الى هشيم أسود له هيئة الشيء و لكنه خاوي من الداخل حتى مواسير المياه كانت قد ذابت داخل الحائط و و كانت تؤدي مهمتها الفراغات التي أخذتها المواسير كمجرى للماء حتى تصل الى الصنابير ...

و أزال "خ" عامل النظافة القشرة الخارجية للحوائط كما طلبت منه ليتحول المكان الى كهف مظلم تعطينا نتوءات الحجر الظاهر فيه انطباع كهوف العصور الوسطى ... و جاء دور العزل و طلبت من "خ" أن يسأل لنا على أحد العمال المتخصصين في العزل ... و لم يتوقف حتى سلمت بأن أدع له هذه المهمة فهي واحدة من خبراته العديدة ... و هي بالفعل مهمة لا تحتاج سوى بعض الجهد و حسن التصرف حتى لا يتلف بدهان العزل "الأسود" أثاث المنزل أو الأماكن البعيدة عن الحيز المراد عزله و دفعت له مقابل أن يشتري كميات كافية من البلاستيك لتغطية كل ما يحتاج الى حماية من بعض الرذاذ الذي قد يتناثر هنا أو هناك...

و في نهاية اليوم جئت ليبشرني أنه أنهى مهمته ... ولكني أصدم بكم الرذاذ المرشوش على الأجهزة المنزلية المحيطة و الحوائط و الأبواب و ... فلو كان يرقص و هو ممسك بفرشاة العزل الأسود في كلتا يديه ما كانت وصلت رشاته و تلطيخاته السوداء على هذه الامكان التي كانت "بيضاء" و المنتشرة في كل مكان ... و ظللنا نعاني من ازالة هذه البقع السوداء من يومها حتى بعد انتهاء عمليات الترميم كلها بأكثر من شهر عوضا أن عملية ترميم المطبخ نفسها استغرقت ثلاثة أشهر كان الشهر الأخير منها هو شهر رمضان الماضي ...

و للحديث بقية ...



هناك تعليقان (2):

Atef Shahin يقول...

كان الله في عونك .. أعجبني اسلوبك .
مدونة جميلة

Moh. Mah. يقول...

جزاك الله خيرا يا أخي و أرجو ان أحظى على هذا الاعجاب منكم دائماو شرفني زيارتك لي وفقك الله الى كل خير